Skip to main content

كيف ندعم اللبنانيين والفلسطينيين؟

د. إبراهيم علوش

[كلمة ألقيت في حفلٍ أقامته نقابة المهندسين الزراعيين لدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الحصار في مجمع النقابات المهنية الأردنية مساء يوم الأربعاء الموافق في 19/7/2006.]

الأخوة والأخوات الأعزاء السلام عليكم،

كل الشكر والتقدير للقائمين على هذا اللقاء الكريم. فقد دعوا له ابتداءً لمعالجة موضوع "دعم الشعب الفلسطيني" بعدما اشتد الحصار عليه بذريعة تشكيل حكومة جديدة للسلطة الفلسطينية من قبل حماس...

ولو قيض للقائمين على هذا اللقاء أن يقرأوا المستقبل وأن يستشرفوا العدوان الصهيوني على لبنان، فمن المؤكد الذي لا شك فيه أنهم كانوا سيدعون للتباحث بوسائل دعم اللبنانيين كما الفلسطينيين، ولا ننسى العراقيين طبعاً، فالقضية العربية قضية واحدة لا انفصال بين أجزائها، وعدونا واحدٌ لا انفصال بين أجزائه: الطرف الأمريكي-الصهيوني وأذنابه.

فالعدوان الصهيوني على لبنان لم يأتِ إلا تتمةً للعدوان الصهيوني على غزة، والمقاومة اللبنانية مطلوبٌ رأسها اليوم لأنها وقفت مع القضية العربية الواحدة كما كان يفترض أن يقف أصحاب القرار الرسمي العربي... لولا أنهم، من شدة "عقلانيتهم"، باتوا يفضلون التريث حتى يفرغ العدو من "الأعمال المغامرة" العدوانية التي يمارسها يومياً ضد لبنان وفلسطين والعراق.

كيف ندعم الشعب العربي الفلسطيني إذن؟

بكلمة واحدة: ندعمه "بالوعد الصادق".

فقد لخصت تلك العملية ببليغ العبارة الطريقة المثلى لدعم الشعب العربي الفلسطيني. وهذه الطريقة هي فتح الجبهات كافة للعمل عبر كل دول الطوق: من لبنان، من سوريا، من الأردن، من مصر... من البحر ومن الجو ومن البر... مع أو بدون إذن النظام الرسمي العربي.

فالقضية ليست كيف ندعم الشعب العربي الفلسطيني أو اللبناني أو العراقي وكأننا نتحدث عن شعبٍ غريبٍ في قارةٍ أخرى. ومع كل الاحترام والتقدير للجهود التي تبذل هنا، القضية العربية ليست قضية عمل خيري أو تعاطف إنساني. القضية ليست قضية تبرعات وبطانيات ورواتب موظفين... بل القضية في العراق كما في لبنان كما في فلسطين هي قضية عدوان أمريكي-صهيوني واحتلال، وبالتالي، قضية جهاد ومقاومة، وبالتحديد أكثر، قضية مقاومة بالسلاح.

ومن يسأل اليوم: "كيف ندعم لبنان والمقاومة اللبنانية؟"، كمن كان يسأل من قبله: "كيف ندعم فلسطين والمقاومة الفلسطينية؟"، فليسأل قلبه، وليسأل ضميره. من يسأل: "كيف ندعم العراق والمقاومة العراقية؟"، فليسال نفسه... فالجواب واضحٌ وضوح الشمس، ولا يحتاج إلى إعادة اكتشاف أمريكا أو اختراع الصفر أو حروف الأبجدية من جديد... الجواب واضحٌ إلا لمن قرر أن لا يراه. والجواب موجودٌ على تخوم فلسطين. الجواب هو المقاومة.. والقتال.. والسلاح... هكذا ندعم فلسطين ولبنان: بفتح جبهات جديدة ضد العدو الصهيوني، تماماً كما فعلت المقاومة اللبنانية لتخفيف الضغط عن غزة.

من المؤسف أيها الأخوة والأخوات أن البعض يقضي وقته بالتأسف على الدمار والقتل والوحشية الرهيبة التي يمارسها العدو الأمريكي-الصهيوني ضد العراق وفلسطين، ومؤخراً في لبنان، كما نرى في كل ساعة من على شاشات التلفزة. فنتحول نحن في ذلك المشهد إلى ضحايا لا حول لهم ولا قوة، وتتحول القضية هنا إلى مطلب وقف القتل والعدوان بغض النظر عن الثمن السياسي.

ويتوهم بعضنا أن علينا أن نلعب دور الضحية لعل الرأي العام الدولي يتعاطف معنا.. ولكن ما يفعله العدو في لبنان ليس جديداً، وهذه ليست المرة الأولى التي يعتدي فيها عدونا على لبنان وغير لبنان. فالإرهاب الوحشي هو ما برح العدو يرتكبه في فلسطين منذ أكثر من قرن. فمشكلتنا لا تكمن بقدرتنا على تصوير أنفسنا كضحايا (أمام الرأي العام الدولي!). فنحن نعرف من كل التنازلات المعيبة التي قدمتها أطراف فلسطينية وعربية من قبل للعدو الصهيوني أن التنازلات لا توقف العدوان والمجازر والتدمير، بل تزيد من تغول العدو ومن ممارساته الإجرامية ضد الأرض والشعب والمباني.

فلا خيار أمامنا إذن إلا أن نصمد كي نرد العدوان. جنوب لبنان لم يحرر إلا بالمقاومة، ومن ناحية سياسية، ما يجري اليوم في لبنان عبارة عن محاولة لاستدراك الآثار السياسية لهزيمة العدو في لبنان في أيار عام 2000، وهي محاولة ترتبط بفشل قوى 14 آذار بتحجيم المقاومة ووزنها بالوسائل السياسية... وها هو الضغط الدولي، كما برز من قمة الثماني الكبار في روسيا، يأتي تماماً بنفس الاتجاه.

لذلك علينا أن ندرك أن مشكلتنا مع العدو لا ترتبط بأسيرٍ له في غزة أو بأسيرين في لبنان، مع العلم أن ما يسمى بالمجتمع الدولي تعاطف مع أولئك الأسرى الثلاثة أكثر مما تعاطف مع كل مآسينا.

مشكلتنا مع العدو هي كل مشروعه السياسي، سواءٌ اتبع طرقاً عنيفة أو سياسية لتحقيقه.

إن تسليم الأسرى الصهاينة دون قيدٍ أوش شرط لن يوقف المجازر والقتل والتدمير، بل سيضع العدو في موقفٍ أقوى يمكنه من ممارسة المزيد من المجازر والقتل والتدمير الآن أو في المستقبل.

لذلك لا خيار لنا إلا أن نصمد وأن نقاتل، وبالحد الأدنى أن ندعم من يصمدون ومن يقاتلون. فنحن لسنا ضحايا.. بل نحن أصحاب قضية لا يهمنا لو دفعنا أغلى الأثمان من أجلها.

هل ترغبون فعلاً بدعم لبنان وفلسطين والعراق؟

علينا إذن أن ننزل للشوارع لإسقاط الحصار الرسمي العربي على قوى المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين، والحصار يشارك فيه بالواقع من يظنون أنهم "عقلانيون" عرب، أو "رسميون" عرب، أو "أشياء أخرى"... عرب.

علينا أن نغلق السفارات والبعثات الديبلوماسية الصهيونية على أرضنا العربية.

علينا أن نغلق القواعد العسكرية الأمريكية على أرضنا العربية.

علينا أن نسقط المعاهدات مع العدو الصهيوني.

علينا أن نفرض تبني خيار المقاومة الذي ينحاز له الشارع العربي دوماً، وهذا لن يحدث من تلقاء ذاته، ولا يقوى عليه فردٌ بمفرده أو مجموعة صغيرة وحدها، بل هي مهمة القوى الحية في هذه الأمة. فهل من مجيب؟!

عاشت المقاومة البطلة في العراق ولبنان وفلسطين...

فليسقط أذناب العدو في النظام الرسمي العربي...

وشكراً جزيلاً لكم.

Comments

Popular posts from this blog

What "Culture Clash"?

I hear this all the time, and yet I still have yet to not only materialistically comprehend this prospect, but to philosophically grasp it. There are so many cultures and races that dot this earth, and yet we have seen them come and go as well. But how can cultures themselves clash? To answer this question, one should take a look at the definition of culture. The word culture , from the Latin colo, -ere, with its root meaning "to cultivate", generally refers to patterns of human activity and the symbolic structures that give such activity significance. Different definitions of "culture" reflect different theoretical bases for understanding, or criteria for evaluating, human activity. Note the definition: patterns of personal activity. Patterns by themselves are immeasurable and also immaterial. However, the only material object encountered in the definition is the set of "symbolic structures" that represent these patterns and give them significance. Cult

حول قرار حماس تشكيل قوة مشتركة من الفصائل

هذا النص يتحدث عن التشقق في الحكومة الفلسطينية, وكيف استغلوا القوات الصهيونية على التفرق بين حماس ومنظمة التخريب " فتح" التي خانت الفاسطينيون لخدمة نفسها ولخدمة "إسراءيل". تأليف د. إبراهيم علوش قرار وزير داخلية السلطة الفلسطينية، القائمة على مرجعية اتفاقية أوسلو، بتشكيل قوة مشتركة من الفصائل العسكرية الفلسطينية المقاومة، وقرار محمود عباس رئيس سلطة أوسلو بشطب قرار وزير الداخلية سعيد صيام بتشكيل تلك القوة المشتركة، أثار الكثير من التكهنات واللغط حول مغزى تلك الخطوة وأبعادها. ومثل كل قرار سياسي، هناك دائماً واجهة خارجية وأجندة خفية، خاصة عندما نتعامل مع قوى قررت أن تكون جزءاً من الواقع السائد بدلاً من الانقلاب عليه. فالانضمام لركب أوسلو، على أساس مشروع "تغييره من الداخل"، يترك المرء بالضرورة أسير مساومات لا يمكن إلا أن تمس بالثوابت وبالمرجعيات التاريخية لصراعنا مع الحركة الصهيونية منذ أكثر من قرن. وبالمقابل، فإن قرار محمود عباس بشطب قرار وزير الداخلية يرتبط بدوره بحسابات التنافس الداخلي، ليس فقط على الصلاحيات، بل على كل دوره التاريخي هو وفتح. المهم، يمكن أن ت

Book Review: "The Crusade through Arab Eyes" by Amin Maalouf

The bulk of modern history regarding the Crusades has an unashamedly Western slant to it. Even a cursory search of the word "crusade" on Amazon Books reveals a plethora of books written by authors from the U.K., the U.S., and elsewhere in the Western world, but a severe (emphasis) paucity of books from a more Arab perspective. One book that stands out is Amin Maalouf's "The Crusades through Arab Eyes", a book I believe is much-needed given the overall bias inherent in the gestalt of Western history books on this topic. The gold standard for history on the Crusades is currently the "The Oxford History of the Crusades", another book I will review in the not-so-distant future (and expect comparisons to this book given that I have completed reading it). The too-long-didn't-read version of this review is the following: if you're interested in history, buy it, read it, and keep it. Nevertheless, my full review follows. For those who are un